غوغل بين التخصص والشمولية
غوغل بين التخصص والشمولية
لعل من أبرز ما يميز شركة غوغل العملاقة هو محرك البحث الخاص بها، والذي ازداد استخدامه في الآونة الأخيرة بالمقارنة مع محركات البحث الأخرى. وقد يكون مرد ذلك إلى سرعة التوصل إلى النتائج المطلوبة أو لعله يأتي بسبب شمولية محرك البحث من غوغل ووجود ميزات أخرى على الموقع لا تجدها على المواقع الأخرى. فها قد بات بإمكانك على محرك بحث غوغل البحث ليس بالكلمات المكتوبة وحسب بل وعن طريق استخدام الصوت والصورة، وهذا مفيد جداً إن كنت لا تستطيع كتابة ما تبحث عنه أو لا تعرف اسم الشيء الذي تبحث عنه (ربما ما كتب عليه مكتوب بلغة تجهلها). ففي محرك غوغل للبحث أصبح بإمكانك البحث عن الصور باستخدام خاصية السحب والإفلات (Drag & Drop) فيظهر لك غوغل النتائج المطابقة أو المقاربة بنسب الألوان، كما بات بالإمكان البحث بالصور الملتقطة عبر الهاتف المحمول ـ وخاصة الذي يعمل على أنطمة أندرويد ـ فيكفي أن تلتقط صورة لمبنى معروف في مدينة ما لتعرف معلومات وافية عنه، بل وبات بالإمكان معرفة المنتجات عن طريق الصور كذلك، وهذه التقنية مازالت حتى الآن في مراحل التطوير وقد نشهد مفاجآت في المستقبل.
نجاح شركة غوغل بات كبيراً لدرجة أنه طغى في بعض جوانبه على نجاحات شركة مايكروسوفت التي أذكر في بعض مراحلها أننا كنا نقول أن مايكروسوفت قد تحتل أسواق الحاسوب في العالم كله، ولكن كما تبين هناك منافسون حقيقيون في السوق، فظهرت أنظمة أخرى تقل او تماثل، وفي بعض الاحيان تضاهي نظام التشغيل من مايكروسوفت الاكثر انتشاراً (ويندوز)، وكانت غوغل واحدة من هذه الشركات التي سعت إلى إيجاد مكان لها في عالم الحواسب والهواتف المحمولة، بل وحاولت غوغل الدمج بينهما باستخدام نظام التشغيل المعروف اليوم باسم أندرويد المخصص للعمل على أجهزة الحاسوب والهواتف المحمولة المعروفة بالهواتف الذكية، وكانت هذه الخطوة واحدة من خطوات غوغل في عالم الشمولية الكمبيوترية .
ان نظام كلاود أو الغيوم، يعتبر واحداً من آخر صرعات عالم الانترنيت والكومبيوتر، ولكن ألم تكن غوغل واحدة من الشركات السباقة إلى اعتماد هذه التقنية حتى قبل ظهورها بشكلها الحالي؟ ان نظام الغيوم يلحظ قيام المستخدم بتخزين معلوماته ومعطياته وملفاته على الانترنيت بدل استخدام جهاز الحاسوب وبالتالي سيكون بإمكانه الوصول إليها من أي مكان في العالم. وهذا ما نراه في نظام غوغل المتكامل في إطار حساب واحد في غوغل، فمن خلال غوغل بات بإمكانك تخزين الفيديو في يوتيوب، وتخزين الصور الفوتوغرافية في بيكاسا، وملفاتك النصية والجداول في غوغل دوكس... بل وبات بإمكانك استخدام القواميس والكتب وقراءة الأخبار من نفس الموقع ودون مغادرتك لغوغل.
وغوغل تعمل على تعزيز موقعها كمركز لكل شيء، من هنا تأتي شمولية غوغل فها هي تسعى لإنشاء موقع خاص بالموسيقى على الرغم من أنه في مراحله التجريبية ويعمل في الولايات المتحدة وحسب، إلا أنه يلاقي إقبالاً كبيراً، هذا بالطبع ناهيك عن دخولها عالم التلفزيون حيث بات هناك تلفزيونات تدعم نظام "غوغل تي في" عبر الانترنيت بل وأصبح بإمكانك وصل جهاز خاص لاستقبال قنوات غوغل التي تزداد يوماً بعد يوم ، منها ما هو مجاني ومنها ما هو مسبق الدفع.
نقطة أخرى استخدمتها غوغل وهي إنشاء متجر خاص بتطبيقات أندرويد منحت فيه المطورين الحافز لبذل المزيد من الجهود من خلال نسبة أكبر من عائدات بيع التطبيقات تفوق النسبة التي يحصلون عليها في المتاجر الأخرى، حتى زاد عدد التطبيقات في متجر أندرويد عن 600 الف تطبيق خلال الفترة الوجيزة لإطلاق نظام التشغيل الجديد من غوغل.
اما الشبكة الاجتماعية المعروفة باسم غوغل بلاس فجمعت هي الأخرى بين عدد من الإمكانيات والخدمات التي وضعتها بين يدي المستخدم، فمن خلال هذه الشبكة التي مازالت في مراحلها الأولى أصبح بإمكان المستخدمين التواصل من خلال النصوص والفيديو والصوت، بل ولاقت هذه الشبكة رواجاً خلال الفترة التي كانت فيها مغلقة عن التسجيل ـ حيث كان بالإمكان التسجيل فقط بدعوة من مستخدمي هذه الشبكة ـ لتصبح شبكة التواصل الاجتماعي الأكثر نمواً من حيث نسبة عدد المنتسبين خلال فترة وجيزة لم تتجاوز بضعة أشهر، ليزيد عدد المنتسبين لهذه الشبكة اليوم عن 50 مليون مشترك.
ولم تأت شمولية غوغل من دون إعارة الأهمية للتخصص، فهي تولي كل مصادرها أهمية خاصة وفريقاً لتنميتها. وحتى في عالم الهواتف المحمولة، فغوغل تعمل أيضاً على انتاج هواتفها الخاصة بالتعاون مع كبريات الشركات، من هنا كان لا بد من البدء بخطوات عملية من قبل الشركات المنافسة لوقف جموح غوغل أو وضع حد له عن طريق رفع الدعاوى القضائية بحجة الاحتكار، أو حتى شراء براءات اختراع واسعة لمنع غوغل من الوصول إلى أسواق محددة، ولكن الشركة العملاقة مازالت تسير بخطى راسخة نحو الأمام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق